منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، أصبح التعليم أحد أبرز ضحايا العدوان. تُشير التقارير إلى أن أكثر من 85% من المدارس في غزة تعرضت لأضرار مباشرة، مما أدى إلى خروج معظمها عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي. هذا الدمار الواسع حرم حوالي 660 ألف طالب وطالبة من حقهم الأساسي في التعليم، وأدى إلى استشهاد أكثر من 12 ألف طفل في سن التعليم المدرسي، بالإضافة إلى مئات المعلمين والعاملين في القطاع التعليمي.

دمار البنية التحتية التعليمية

استهدفت الغارات الإسرائيلية المدارس بشكل مباشر، حيث تم تدمير 278 مدرسة، منها 187 تابعة لوزارة التربية والتعليم، و91 تابعة لوكالة الأونروا. تضررت 23 مدرسة حكومية و5 مدارس تابعة للأونروا بشكل كلي، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام عند افتتاح العام الدراسي الجديد.

التعليم عن بُعد: حلول محدودة في ظل الأزمات

في محاولة لاستمرار التعليم، أطلقت الأونروا برنامجًا جديدًا للتعلم عن بعد في يناير 2025، يدمج بين التعلّم عن بعد والتعلم الوجاهي. حتى تاريخه، التحق بالبرنامج 277,716 طفلًا، وتلقوا أنشطة تعليمية أساسية في مواد اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم. إلا أن هذه الجهود واجهت تحديات كبيرة بسبب انقطاع الكهرباء، وضعف أو انعدام الإنترنت، ونقص الأجهزة الإلكترونية لدى العديد من الطلاب. 

 فقدان عامين دراسيين وتفشي الأمية

تسبب العدوان في انقطاع الدراسة النظامية لمدة عامين دراسيين متتاليين، حيث توقفت الدراسة لمدة 300 يوم دراسي حتى أبريل 2025. هذا الانقطاع الطويل أدى إلى تراجع كبير في مستويات التعليم، وظهور مؤشرات على تفشي الأمية بين الأطفال، خاصة في المراحل الأساسية.

مبادرات محلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

رغم الظروف الصعبة، بادر بعض المعلمين والمتطوعين إلى إنشاء فصول دراسية مؤقتة في الخيام ومراكز الإيواء، واستخدام وسائل بسيطة لتقديم الدروس للأطفال. كما تم إنشاء مجموعات تعليمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم الدعم التعليمي والنفسي للطلاب.

الأثر النفسي على الأطفال والمعلمين

لا يقتصر تأثير الحرب على الجانب التعليمي فقط، بل يمتد إلى الجانب النفسي. يعاني الأطفال من صدمات نفسية نتيجة فقدان الأصدقاء والمعلمين، وتدمير مدارسهم، والعيش في بيئة غير مستقرة. كما أن المعلمين يواجهون تحديات كبيرة في تقديم الدعم النفسي والتعليمي في آن واحد.

الحاجة إلى تدخل دولي عاجل

الوضع التعليمي في غزة يتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا لإعادة بناء المدارس، وتوفير الدعم النفسي والتعليمي للأطفال، وضمان حقهم في التعليم. إن استمرار هذا الوضع يهدد مستقبل جيل كامل، ويزيد من معاناتهم في ظل الأزمات المتلاحقة.